2013/05/25

الصلاة .. روح - من روائع الطنطاوي



ليست الصلاة ركوعاً وسجوداً ورياضة، فإن ذلك جسمها. والجسم لا يقوم إلا بالروح، فإذا خلت منها الصلاة كانت صلاة ميتة لا تنهى عن فحشاء ولا منكر ولا تُشعر بلذة. أما روح الصلاة فهي أنك إذا طهرّت أعضاءك بالماء طهرّت نفسَك بالتوبة، وذلك هو الوضوء الحق وإذا قمت إلى الصلاة وقلت (الله أكبر) خرجتَ من دنياك وارتفعت عنها كمن يرتفع في طيارة حتى تراها ـ كما هي في الحقيقة ـ ذرّة صغيرة تافهة، ولم تخش عدواً، ولا شغلك حبُّ حبيب ولا ملأ نفسك همّ ولا غم ولا لذة ولا متعة، لأنك تتوجه إلى الله، والله أكبر من ذلك كله وبيده كل شيء، فأنت كمن يتصل بالوزير أو الحاكم المطلق (ولله المَثَل الأعلى).

فهل يفكر بين يديه بحاجة له عند موظف صغير ويشتغل بذلك عن حديث الحاكم أو الوزير؟ فالصلاة تحقيق لغاية الحياة وحياةُ لحظات في " الحياة الأخرى" وهي اللذة التي لا تقدر لغات البشر على وصفها، ولكن الناس يرون فيها بُروقاً خاطفة في ساعة من ساعات السحر ولحظة من لحظات العبادة. أو سكرة من سكرات الحب، أو عندما يسمعون نغمة أو يقرؤون شعراً هذه اللحظات هي التي تدلنا على ذلك العالم، هي أشعة ضئيلة من ذلك النور الباهر، تذيق النفس حلاوة الآخرة في الدنيا لتسعى لها وترغب فيها.
 علي الطنطاوي ـ نور وهداية


جميع الحقوق محفوظة TH3 Professional security ©2010-2013 | جميع المواد الواردة في هذا الموقع حقوقها محفوظة لدى ناشريها ، نقل بدون تصريح ممنوع . Privacy-Policy| اتفاقية الاستخدام|تصميم : ألوان بلوجر