نحن في حاجة إلى تعلم الصدق، لأن الكذب قد فشا فينا وعمَّ و أصبح أسهل شيء علينا، فنحن نكذب في الأمور الهينة ونكذب في الجليلة، ونُعلم أولادنا الكذب.
من منا لا يقرع بابه فيقول لابنه: قل له: إن أبي ليس هنا! ومن منا يلقى رفيقاً له أو رجلاً يعرفه فيقول له: كيف حالك أو ازيك؟ فلا يقول له بغاية الشوق، وهو لا يشتاقه ولا يفكر فيه، وقد يكون مبغضاً له يرى البعد عنه غنيمة . . .
فمجاملاتنا وحياتنا الاجتماعية كلها قائمة على الكذب .
ومن جرب أن يصدق يوماً كاملاً رأى العجائب، وقد أدرك ذلك العامة فجاء في أمثالهم (الصادقة): الكذب ملح الرجال، والعيب على الذي يصدق.
هذا وشبهه (وما أكثر أشباهه) روح النهضة وقوامها ، فإذا لم تعتن به الحكومات والأحزاب والجمعيات والمدارس ، ومن يشتغل بالوطنية ، ويبث في نفوس الأطفال ، ويوضع في نظم التربية والتعليم كانت نهضتنا جسما لا روح فيه !
وإنّما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
علي الطنطاوي رحمه الله – في سبيل الإصلاح –