التدوين أو السلطة الخامسة كما يحبّ البعض أن يسمّيه أصبح اليوم رئة تتنفس منها أقلام كانت تخشى مقص الرقيب ، فإن المدونات أصبحت تؤثر وبقوة في صناعة رأي شعبي حول عدد من القضايا والأحداث والحقوق والحريات ، تشق نسبة منها الطريق بشكل أكثر حريّة ودقة .. لا يحتاج من يبدأه الا الى فأرة ولوحة مفاتيح وبقرار ليصل صوته إلى العالم أجمع .. والفرق بين الكتابة والتدوين تكمن في معرفة كل واحدة منها فالكتابة يعني ان تكتب حال السماع لنفسك ، كأن يكتب الواحد منّا [المتلقّي] محاضرة أو درساً يسمعه من المحاضر ، وأما التدوين فهو جمع ما عندك وعند غيرك لتخرجه للنّاس على شكل كتابة أوكتاب أو صورة أو تصميم أو فيديو أو غيرها ..
يساعد التدوين ويدعم غالباً محاولات التغيير والنشاط والحراك في الوطن .. وأكبر مثال على ذلك المدونات المصرية وصناعتها للتغيير .. فالتدوين على الرغم من كل العراقيل كضعف الاهتمام به وبالمدون العربي عامة من طرف المنظمات العربية والصحف وغيرها ، هو وسيلة إعلامية فرضت نفسها على الساحة كمصدر للمعلومة .. حيث يعد الحراك السياسي والاجتماعي هو من اهم العوامل المؤثرة فيه فأكثر الدول تدويناً على خلاف مصر هي تونس والسعودية والمغرب بشكل أبرز ..
بدأ التدوين في العالم العربي متأخراً جدا ( سنة 2004 م ) على خلاف العالم أجمع الذي شهد انتشار الظاهرة عام 1999 م ، ومازال إلى الآن يعاني من ضعف شديد في مختلف الدول العربية كالجزائر ، وتجد أحيانا بعضا من المدونين من ينغلق على نفسه في مجموعات يتعاونون فيها مع المنتسب إليها فقط .. كمستخدمي منصة التدوين مكتوب مثلا تجدهم لا يتعاونون مع نظرائهم من مستخدمي البلوغر وغيرها ، فهذا من أهم العوامل أيضا والتي ساهمت في تقزيم وضعف انتشار التدوين بشكل عام ، ويعود ذلك لعدم فهم الهدف ومنطلق التدوين الإلكتروني عامةً ..
فلايزال المجتمع الجزائري إلى الآن بعيدا عن التدوين بالمعنى الأشمل بل ومحصورا ومقتصرا في تعاملاته وابداء آراءه واخراج مكبوتاته على جدران الدردشة أو في شبكات التواصل الاجتماعي ، و حتى الذين ولجوا هذا العالم انحصرت مدوناتهم في المواضيع الشخصية والشعرية الأدبية أكثر منها السياسية الجادة أو الحقوقية ذات أبعاد ورؤى تأثيرية فلم يساير بعد التدوين في الجزائر القضايا الوطنية والدولية أيضا ، أو حتى المدونات الإخبارية قد اعتمد المدون الجزائري فيها على عملية النسخ واللصق من المواقع الأخرى و لم يحاول أن يعطي بُعداً لمدونته مما يدفع غيره إلى الدخول إليها ومتابعتها والإطلاع عليها ..
والإدراك العام لأهمية التدوين بين المجتمع الجزائري عامة أو نخبته الثقافية والسياسية والإعلامية خاصة هو ما أحدث التأخر في المجال والولوج إليه بشكل عام .. كما لا نهمل واقع انترنت الجزائر وتأخر وصولها أيضا .
يبقى دوماً المدون قائد رأي وتبقى المدونات تؤرق السلطات .. فاستغلالها ضروري للتأثير على القرارات .
يتبع ...